العلاج بالقرآن

قال تعالي:(إنا نزلنا القرآن تنزيلا)

نزل القرآن علي سيدنا محمد بلسان عربي مبين .ومن بين عظمته إعجازه الذي نقره ولاننكره لأنه كتاب منزل من عند الله سبحانه . فتجده وعاء حضاريا ونبراسا تربويا وتعليميا من الطراز الأول في كل زمان ومكان . وهذا سر عظمته .


فيه إشارات قرآنية للثوا بت العلمية كالفلك والعلوم والخلقوالقصص عن الغابرين. مما يجعله ثبتا لايماري فيه.

وقد نزل بالعربية بإسلوب سياقي متفرد .وكان نزوله قد غير من أنماط الكتابة واللغة ودقة إختيار الألفاظ التعبيرية.وفيه القصصوأخبار الأولين والغابرين . وهذا ماجعله وعاء فكربا وتاريخيا .حافظ من خلاله علي اللغة العربية وأحياها. وفاق في متنه بلغاء العرب الذين أقروا أنه ليس من صنع بشر . لأنه فاقهم بلاغة وتعبيرا وإسلوبا لم يألفوه من قبل.

فحفظ القرآن وتسميعه وترتيله يظهره بأنه كتاب معجز حقا . لأنه يسهل قراءته وحفظ سوره وإستيعاب آياته ونطق كلماته . فيرتله الكبير والصغير بلا كلل أو ملل ليحفظاه عن ظهر قلب مما يجعله كتابا سهلا وميسرا للعامة والخاصة حتي يمكنهم فهم معانيه وحفظ كلماتهومعرفة أحام دينهم . فلا يجدون صعوبة في الفهم أو صعوبة في القراءة . لأن إسلوبه اللغوي وتركيبته السياقية الكلامية تجعله كتابا يسهل فهمه ويسهل قراءته ويسهل حفظه.


فالقرآن بما يحويه قد عني بالصوتيات اللغوية وجعل من اللغة العربية لغة حية لها وضعها ومكانتها بين لغات أهل الأرض .لأنه يتميز عنها من حيث نقاوة الصوت وتناغم حروفه وجرس آياته ووضوح المخارج اللفظية لكلماته مع الإبقاء علي وقعها الموسيقي الذي له تأثيره علي السامعين حتي ولو كانوا لايعرفون العربية . لأنه يبعث في النفس الإيمان والخشوع. كما أنه يسهل علي غير العارفين للعربية حفظه عن ظهر قلب والتمسك بقواعد ترتيله المتبعة والأصول المرعية في إتباع قراءته .

فالصبي عندما يحفظ القرآن نجد أن في حفظه له يقوم فيه القدرة علي نطق الكلمات حيث يقوم لسانه ويشحذ ذاكرته حتي لايلحن فيه أو ينسي . وفي هذا تدريب علي التركيز حتي لايخطيء فيما يقرأه من آيات أو سور . فنجد ترتيله للقرآن علاجا للتهتهة وتدريبا علي النطق السليم . مما يساعد علي هذا السياق القرآني السلس في الترتيل . كما أن القرآن من يحفظه ينمي في الطفل الذاكرة الواعية مما يجعل ذاكرته حافظة . وهذه الذاكرة الحافظة لاتوجد فيمن لم يحفظ القرآن سواء في الكبر أو الصغر .

وعملية الحفظ والتسميع والنطق بصوت عال عند ترتيل القرآن عملية سلوكية تربوية مكتسبة لم يهتد إلي سرها علماء علم النفس السلوكي أ وعلماء السلوك التربوي في العالم . لأن ترتيل القرآن أو تسميعه بصفة دائمة ومتكررة لون من التشغيل العقلي والتفعيل التفكيري لدي كل قاريء له . ففي هذا تنشيط للمخ حتي لايتجمد تفكيره أو تتجمد ذاكرته مما يجعله لايصاب بالخرف . لأن قراءة القرآن تتطلب الوعي الكامل والإنتباه لما يقرأه الشخص والتركيز في النص مما يجعله لايشرد فيه ولايحيد عنه. فالمسلم يردد السور القرآنية في صلاته بخشوع تام ويستمع له منصتا عند سماعه ويرتله موقرا عند ترتيله . وهذه كلها تدريبات سلوكية يومية للمخ .

فالقرآن إبان مرحلة النمو العقلي يحقق لدي الشخص مالاتستطيع الأدوية تحقيقه في تنمية الذاكرة أو القدرة علي الكلام والنطق والتخاطب . وكلها مسائل تتطلب التدريب علي النطق للكلمات والتعبير بالكلام . لهذا نجد أن نسبة المعوقين عقليا بين حفظة وقارئي القرآن أقل من أقرانهم في عيوب الكلام والنطق . لأن القاريء له سيكون أكثر حرصا علي قراءته وتسميع آياته ونطق كلماته بدقة متناهية. لأن الحافظ والمرتل و القاريء للقرآن كل منهم سيكون أكثر حرصاغلي التركيز وتوخي الحذ ر وتجنب الخطأ حتي ولو في حرف واحد .

ونجد أن الحافظين للقرآن علي يد معلم تصبح ألسنتهم مقومة نطقا ومخارج ألفاظهم واضحة ويتمتعون بذاكرة حافظة وتركيز عال فيما يقرأونه. لهذا نجد علماء الأزهر لديهم القدرة التزامنية في التفكير فيما سيقولونه مع الإلتزام بقواعد اللغة عندما يوعظون . وهذا التزامن الكلامي والتفكيري لايقوي عليه إلا الذين حفظوا القرآن حيث تولدت معهم هذه القدرة منذ الصغر .لهذا نجدهم قد يحفظون نصا سمعوه أو طالعوه مرة واحدة فلا ينسونه . وهذه الميزة نجدها في الدكتور طه حسين.

فالقرآن ليس كغيره من الكتب لأنه ينفرد بالخاصية اللغوية والنطقية والصوتية . فيعالج من يقرأه من التخلف العقلي أوالتهتهة وعيوب النطق أو الكلام .كما يعالج السهو أو النسيان لأنه يقوي التركيز والذاكرة . كما يلاحظ أن الذين يواظبون علي قراءة القرآن والصلاة قلما يصابون بمرض الزاهيمر(خرف الشيخوخة ) وهو مرض شائع في الغرب .وأتمني من أساتذة التخاطب بكليات الطب دراسة هذه الظاهرة القرآنية في العلاج.